كلمة الأمين العام لمجلس المستشارين بمناسبة انعقاد الاجتماع التأسيسي لشبكة الأمناء العامين لمنتدى الحوار جنوب ـ جنوب

كلمة السيد الأسد الزروالي، الأمين العام لمجلس المستشارين بمناسبة انعقاد الاجتماع التأسيسي لشبكة الأمناء العامين لمنتدى الحوار جنوب-جنوب

بسم الله الرحمن الرحيم،

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

السيدات والسادة المحترمون، الأمناء العامون لمجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة

والسادة الأمناء العامون المحترمون، للاتحادات الجهوية والإقليمية.

 الأعضاء بمنتدى جنوب-جنوب للحوار البرلماني.

حضرات السيدات والسادة،

الزميلات والزملاء الأعزاء،

    يطيب لي، في مستهل هذا اللقاء، أن أرحب بكم أجمل ترحيب في مجلس المستشارين بالمملكة المغربية، بمناسبة  انعقاد اجتماع الأمناء العامين المشاركين في النسخة الثالثة من منتدى الحوار جنوب-جنوب، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، تجسيدا للعناية الملكية الموصولة التي تحظى بها قضايا التعاون والتضامن بين دول الجنوب.

الزميلات والزملاء الأعزاء،

إن اجتماعنا اليوم، ينعقد بمناسبة تنظيم هذه النسخة الثالثة من منتدى الحوار البرلماني جنوب-جنوب، باعتباره فضاء يرمي إلى جعل التعاون جنوب-جنوب ركيزة أساسية لتقوية أواصر الشراكة البرلمانية الفعلية، وتوسيع مجالات التكامل بين المؤسسات التشريعية بدول الجنوب،

 عبر تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتوسيع آفاق التشاور والتنسيق المؤسساتي، بما يستجيب لمسعى اضطلاع مؤسساتنا البرلمانية في الاستجابة لتطلعات شعوب الجنوب في التنمية المستدامة والسلم والأمن والاستقرار.

وفي هذا الإطار المُلهم، يكتسي اجتماعنا أهمية مضاعفة، باعتباره ترجمة عملية لمسعى وطموح مؤسساتنا البرلمانية من تمكين الفضاء الجنوبي من آليات فعالة للتشاور والعمل المشترك، وتعزيز قدراته المؤسساتية والإدارية لمواجهة التحديات المتعددة.

حضرات السيدات والسادة،

     إن ما تابعناه طيلة هذين اليومين من نقاش مؤسساتي رصين، ومن استقراء لأدوار المؤسسات البرلمانية في ظل التحولات الجيوسياسية والاقتصادية المتسارعة، ومختلف التحديات التي تواجه دول الجنوب بشكل خاص، رسخ لدينا جميعا، الحاجة الملحة إلى إرساء بنيات تنسيق وتشاور مؤسساتية دائمة، تمكّننا من تقاسم الرؤى، وتطوير استراتيجيات مشتركة قادرة على مواجهة هذه التحديات بشكل ناجع ومبتكر. 

فلقد علمتنا التجارب الحديثة أن التعاون جنوب-جنوب، لكي يكون فعالا ومستداما، لا بد أن يتجاوز الأبعاد السياسية والاقتصادية التقليدية، ليشمل كذلك البنية المؤسساتية والإدارية، التي تشكل العمود الفقري لكل عمل برلماني ناجع ومنظم.

حضرات السيدات و السادة،

    إن الفضاء الجنوبي، الذي ننتمي إليه جميعًا، يشكل مجالًا جيوسياسيا ثريا بتنوعه الثقافي، يضم أربع مكونات رئيسية هي: القارة الإفريقية، وأمريكا اللاتينية والكاريبي، وآسيا، والعالم العربي. وإن هذه المناطق تتقاطع مصالحها وتتلاقى تطلعاتها نحو بناء قطب عالمي ناشئ، أكثر عدلا وتوازنا.

     وانطلاقا من هذا الوعي المشترك، يأتي تأسيس "شبكة الأمناء العامين لمنتدى الحوار جنوب-جنوب"، كمبادرة رائدة وشاملة، تروم خلق إطار مؤسساتي دائم للتواصل والتنسيق

 بين الأمناء العامين، باعتبارهم الفاعلين المحوريين في البنية التنظيمية للمجالس التشريعية.

 هذه الشبكة الطموحة، التي نؤسس لها اليوم، تتميز بشموليتها الجغرافية، إذ تحتضن في عضويتها ممثلين عن مختلف الأقاليم الجيوسياسية الكبرى للجنوب، بما يعزز من تعددية الرؤى، وغنى التجارب، وتكامل القدرات.

زميلاتي، زملائي الأعزاء،

    إننا وإذ نلتئم اليوم في أول لقاء رسمي يجمع الأمناء العامين من مختلف المجالس التشريعية المشاركة في منتدى الحوار جنوب-جنوب، فإن هدفنا الأساسي هو إرساء أرضية صلبة لعمل مشترك قائم على التعدد الجغرافي، والانفتاح الثقافي، والمهنية العالية.

    ونحن على يقين راسخ أن هذه المبادرة النوعية ستشكل رافعة جديدة لتعزيز الأداء البرلماني في دول الجنوب، باعتبار أن الأمناء العامين هم حلقة الوصل الأساسية بين الرؤى السياسية للمؤسسات التشريعية، وبين آليات التنفيذ الإداري والفني، مما يجعل من تنسيق جهودهم ضرورة ملحة لتبادل التجارب والخبرات، ورافعة محورية لتوحيد الممارسات الإدارية الفضلى. 

   وإن هذه الشبكة لن تقتصر، بحسب تصورنا، على تبادل الخبرات وتوحيد الممارسات الإدارية الفضلى فحسب، بل ستعمل كذلك على التفكير الجماعي في حلول مبتكرة لتحديات الإدارة البرلمانية، بما يعزز مأسسة العمل المشترك، ويدعم بناء إدارات برلمانية قوية، مرنة، ومواكبة للتحولات التكنولوجية والمؤسساتية الحديثة.

حضرات السيدات والسادة،

    تستند هذه المبادرة إلى استلهام التجارب الرائدة لبعض الاتحادات البرلمانية الإقليمية والدولية، مع السعي الدؤوب لتكييفها مع خصوصيات السياق البرلماني لدول الجنوب. كما تأتي في انسجام تام مع أهداف النسخة الثالثة من المنتدى البرلماني للحوار جنوب-جنوب، التي 

يحتضنها مجلس المستشارين، بشراكة مع رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي (أسيكا)، تحت شعار: الحوارات البين إقليمية والقارية بدول الجنوب، رافعة أساسية لمجابهة التحديات الجديدة للتعاون الدولي وتحقيق السلم والأمن والاستقرار والتنمية المشتركة".

    وهي مناسبة نؤكد فيها على أهمية الحوار البرلماني البين إقليمي، كآلية فعالة لمواجهة التحديات المستجدة في مجال السلم، والأمن، والتنمية، وتعزيز مكانة دول الجنوب في المشهد الدولي. وكذا على الدور المحوري للإدارة البرلمانية في تعزيز هدا الحوار، باعتبارها النواة التنظيمية والتدبيرية الأساسية داخل المجالس التشريعية. 

حضرات السيدات والسادة،

   إن تأسيس شبكة الأمناء العامين يمثل سابقة في مجال الدبلوماسية البرلمانية الجنوبية، كما يندرج ضمن جهود تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما تلك المرتبطة ببناء مؤسسات فعالة، مسؤولة، وشفافة، تخضع للمتابعة والتقييم المستمر، وتتبنى مبادئ الحكامة الرشيدة، والتسيير العقلاني للمرافق البرلمانية. كما أن هذه الشبكة، عبر تنظيم لقاءات دورية، وورشات تدريبية متخصصة، ومهام دراسية، ستسهم في بناء رأسمال بشري إداري متخصص ومؤهل، قادر على رفع تحديات المستقبل، والانخراط بفعالية في دينامية التحول المؤسساتي الذي تعرفه البرلمانات الحديثة.

حضرات السيدات والسادة،

   إننا نؤمن إيمانا راسخا بأن الرهانات التي تواجه بلدان الجنوب، لا يمكن مجابهتها إلا عبر تكثيف التعاون من منظور مؤسساتي شمولي يضع الإدارة البرلمانية في قلب كل مشروع إصلاحي حقيقي.

    وإذ نخطو اليوم هذه الخطوة التأسيسية الهامة، فإننا نعبر عن تطلعنا المشترك إلى بناء شبكة ديناميكية، فاعلة، وناجعة، قادرة على التأثير إيجابيا على عمل مؤسساتنا التشريعية، وخدمة تطلعات شعوبنا نحو مستقبل أفضل.

ختاما، أتوجه بجزيل الشكر لكل من ساهم في الإعداد والتنظيم لهذا اللقاء التمهيدي، وأجدد ترحيبي الحار بجميع الحاضرين، متمنيا لمشروعنا هذا كل النجاح والتوفيق في تحقيق الأهداف النبيلة التي نصبو إليها جميعا.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.