كلمة السيد لحسن حداد رئيس مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة المكلفة بتقديم الاستشارة حول "القضية الأولى للمغرب: الوحدة الترابية للمملكة"

الندوة الوطنية في موضوع : " الصحراء المغربية من شرعية التاريخ إلى رهانات المستقبل"

 
بسم الله الرحمن الرحيم،
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
حضرات السيدات والسادة،
 
يسرني أن أتناول الكلمة أمامكم اليوم باسم مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة المكلفة بتقديم الاستشارة حول القضية الوطنية الأولى للمغرب: قضية الوحدة الترابية للمملكة، في هذا اللقاء الوطني المنعقد بمدينة العيون، تحت عنوان:
“من شرعية التاريخ إلى رهانات المستقبل”.
 
ويسعدني أن أعبّر عن بالغ الامتنان والتقدير لهذا الحضور الوطني المتنوع والمتميز، الذي يعكس عمق التعبئة الجماعية حول قضيتنا الأولى:
 
السادة المنتخبون المحليون،
السادة شيوخ القبائل ووجهاء الصحراء،
ممثلو فعاليات المجتمع المدني،
السيدات والسادة البرلمانيون من مجلس المستشارين،
والسادة الخبراء والمختصون الذين يشكلون قيمة علمية وفكرية مضافة لهذه الندوة، ويغنونها برؤى تحليلية واستشرافية عميقة.
ولا شك أن اختيار مدينة العيون، بوابة الصحراء، لاحتضان هذه الندوة الوطنية، يحمل دلالة رمزية عميقة.
فالعيون ليست مجرد مجال جغرافي، بل هي عنوان للشرعية التاريخية، ورمز للوحدة الوطنية، وتجسيد حي للرؤية التنموية التي يقودها جلالة الملك محمد السادس نصره الله في أقاليمنا الجنوبية.
إن تنظيم هذا اللقاء في هذه المدينة العزيزة يُترجم الإرادة الراسخة في جعل الصحراء فضاءً للحوار، ولإنتاج المعرفة، ولتثبيت السيادة بالتنمية والانفتاح والتعبئة المواطنة.
إن اجتماعنا اليوم بمدينة العيون، ليس مجرد محطة تنظيمية في مسار عمل مجموعة برلمانية، بل هو لحظة وطنية بامتياز، تُجسد عمق الارتباط بالصحراء المغربية، أرضًا وتاريخًا، وتؤكد أن قضية الوحدة الترابية ليست مسؤولية الدولة فقط، بل هي قضية أمة بكامل مكوناتها.
 
 
حضرات السيدات والسادة،
إن الحديث عن قضية الصحراء المغربية، هو في عمقه حديث عن الهوية الوطنية، عن الامتداد الحضاري للدولة المغربية، عن البيعة كعقد جامع، وعن ارتباط الإنسان بالصحراء كفضاء للتاريخ والكرامة والانتماء.
نلتقي اليوم لنناقش هذه القضية، ليس فقط بمنطق الدفاع، بل بمنطق البناء والاستشراف، في إطار رؤية شمولية تجمع بين شرعية التاريخ ورهانات المستقبل.
وإذا كانت شرعية التاريخ تؤكد أن الصحراء كانت دائمًا جزءًا لا يتجزأ من السيادة المغربية، فإن هذه الشرعية لا تُختزل في الماضي فقط، بل تتحول إلى قوة فاعلة حين تترجم إلى مشاريع، ومؤسسات، ونموذج تنموي شامل.
 
حضرات السيدات والسادة،
لقد بات من الواضح اليوم أن الزخم المتنامي من الاعترافات الدولية والدعم المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي، يشكلان مكاسب استراتيجية حقيقية لقضيتنا.
لكن هذه المكاسب تترسخ وتكتسب بعدًا مستقبليًا حين تترافق مع رؤية تنموية تجعل من أقاليمنا الجنوبية فضاءً للاستثمار، والاندماج الإفريقي، والعدالة المجالية، والإشعاع الإقليمي.
فالمعادلة اليوم ليست بين التاريخ والمستقبل، بل بين من يُدافع عن التاريخ ويُجسّد المستقبل.
والمغرب اختار هذا المسار بثقة وعقلانية:
بتعزيز الجهوية المتقدمة،
وبإطلاق أوراش كبرى في البنية التحتية،
وبربط السيادة بالتنمية،
وبترسيخ مكانة الأقاليم الجنوبية كبوابات للمغرب نحو عمقه الإفريقي.
 
حضرات السيدات والسادة،
لقد اشتغلت مجموعة العمل الموضوعاتية بروح تشاركية، ساعية إلى تعبئة كافة الفاعلين الوطنيين حول محاور محددة، تتقاطع بين التاريخ، والقانون الدولي، والتنمية، والدبلوماسية المؤسساتية.
وجاء تنظيم هذه الندوة كثمرة لهذا العمل الجماعي، وكتعبير عن وعيٍ برلماني بأن قضية الصحراء ليست فقط ملفًا سياسيا، بل هي مشروع مجتمعي طويل النفس، يتطلب الاستباق، والمعرفة، والتعبئة الهادئة والمستمرة.
ونحن على يقين أن التوصيات التي ستنبثق عن هذه الندوة، بفضل مشاركاتكم القيمة، ستكون رافعة جديدة في مسار الترافع الوطني، وستُغني النقاش المؤسساتي داخل مجلس المستشارين، وتفتح آفاقًا أرحب لمبادرات تشريعية وتقييمية وتواصلية قادمة.
 
حضرات السيدات والسادة،
في الختام، أجدد شكري الخالص لكل من ساهم في إنجاح هذا اللقاء الوطني، من منظمين ومشاركين ومتدخلين، كما لا يفوتني أن أتوجه بجزيل الشكر والعرفان إلى السيد رئيس مجلس المستشارين، على دعمه الموصول لأشغال هذه المجموعة الموضوعاتية، ورعايته الكريمة لهذه الندوة الوطنية.
كما أتوجه بالشكر الجزيل إلى أعضاء مجموعة العمل الموضوعاتية على التزامهم الجاد وتعبئتهم المتواصلة طوال مراحل الاشتغال،
وإلى السيد الأمين العام لمجلس المستشارين، وكذا إلى كافة أطر وموظفي المجلس الذين واكبوا مختلف مراحل التحضير والدعم التقني والإداري لهذا الورش الوطني الهام.
وأدعو الجميع إلى جعل هذه المحطة نقطة انطلاق جديدة نحو مزيد من الفعل الوطني المشترك، من أجل ترسيخ مغربية الصحراء كقضية وجود لا قضية حدود، وكرافعة للوحدة، والنماء، والانفتاح.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
 
 
السبت 21 يونيو 2025ــ العيون.